بعدما أوقف المتمردين عمل السيرفرات الرئيسية في ( دار الهاتف ) التابعة لمجموعة شركات سوداتل للاتصالات ، والتي تعمل من خلالها جميع شبكات شركات الاتصالات في السودان ، وظناً من التمرد بأنهم يضغطوا على الدولة وجيشها من خلال وقف خدمات الاتصالات في كل الدولة ، كنوع من كروت الضغط والاِنتصار في الحرب على الجيش السوداني والدولة وشعبها .
الحمد لله قد خاب ظنهم ، حيث كانوا يعتقدوا أنهم قادرين على هزيمة الدولة من خلال هذه التصرفات التي أساسها هو تدمير البنية التحتية للدولة أو في الحد الأدنى تعطيلها لسنوات طويلة قادمة .
فبعد إندلاع الحرب والتي بدأت فى يوم 15 إبريل من العام 2023م ، درجت مجموعة سوداتل للاتصالات ، بتجهيز (مركز شبكة رئيسي – Core Network ) فى مدينة بورتسودان وأتخذ القرار بواسطة المهندس/ مجدي محمد عبد الله طه – الرئيس التنفيذي للمجموعة ، والذي أقنع مجلس إدارة المجموعة بضرورة التهيئة والاِستعداد فى حالة تعطيل وتخريب (المقسمات الرئيسية) في العاصمة الخرطوم والتى تقع تحت سيطرة القوات المتمردة ، ويعتبر هذا القرار رؤية ثاقبة منه فخلال أيام معدودة من توقف خدمات الاتصالات في السودان ككل عادت خدمات مجموعة شركات سوداتل للاتصالات للعمل مجدداً .
فما لا يعرفه هؤلاء المتمردين من شتات عرب إفريقيا أن هذه الدولة تم بناء البنية التحتية للاتصالات فيها بعزيمة كبيرة وخطة استراتيجية طموحة متجاوزةً قدرات تفكير هؤلاء المتمردين ومن يقف خلفهم من الدول الغربية والإقليمية ودول الجوار .
تأسست الشركة السودانية للاتصالات (سوداتل) في العام 1993م ، وتولى تأسيس وتشغيل هذا الصرح الكبير المهندس/ عبد العزيز عثمان عبد العزيز ، والذي في عهده تم بناء البنية التحتية للاتصالات في السودان المملوكة لمجموعة شركات سوداتل للاتصالات بمد الألياف الضوئية (Fiber Optics) على طول الدولة وعرضها لتتجاوز الشبكة أكثر من (10,000) كيلو متر ، وتعتبر من الأطول عالمياً .
وتولى المهندس/ عماد الدين حسين ، منصب الرئيس التنفيذي خلفاً للمهندس/ عبد العزيز عثمان عبد العزيز ، وأستمر في الانجازات ، حيث قام بتحويل الشركة إلى مجموعة شركات متخصصة في مجال الاتصالات وتقنية المعلومات ، وأسس في العام 2006م شركة سوداني للهاتف الجوال ، وأسس كذلك شركة سوداسات في العام 2007م ، وهي شركة متخصصة في تقديم خدمات الاتصالات عبر الأقمار الصناعية ، وشركة داتا نت المتخصصة في تقنية المعلومات ، وشركة سوداسيرفس المتخصصة في تقديم الخدمات الهندسية ، وأكاديمية سوداتل للاتصالات المعنية بالتأهيل والتدريب لكوادر الشركة ومن عامة المجتمع ، وشركة ثابت ، وشركة سودابل ، وشركة مركز البيانات (Data Center) ويعتبر ثاني أكبر مركز بيانات في إفريقيا ، وشركة الكوابل البحرية ، حيث تعتبر سوداتل من الشركات الرائدة في هذا المجال ، وقد أتجهت في وقت مبكر نحو مجال النقل الإقليمي وشبكة الألياف الضوئية فالشبكة المملوكة لمجموعة شركات سوداتل للاتصالات تعتبر الأكبر في أفريقيا ، فمكنها ذلك من اقتحام هذا المجال الحيوي إقليمياً حيث ترتبط شبكتها من الألياف الضوئية مع دول إثيوبيا ومصر وتشارك في الكيبلان البحريان SAS1 و SAS2 اللذان يربطان مدينة بورتسودان بمدينة جدة بالمملكة العربية السعودية بشراكة مناصفة مع شركة الاتصالات السعودية (STC) .
كما تساهم سوداتل في الكابل البحري في شرق أفريقيا ESSAY بنسبة 13٪ ويمتد من بورتسودان إلى مدينة كيب تاون بدولة جنوب إفريقيا ويربط (13) دولة في الساحل الشرقي لإفريقيا ويعتبر من أهم مشاريع الاتصالات عالمياً ، هذا بالإضافة إلى المساهمة في الكابل القاري ACE بنسبة 9٪ والذي يربط دول الساحل الغربي في أفريقيا ويمتد إلى دولة فرنسا .
كما في عهده اِنطلقت الاستثمارات السودانية في إفريقيا من خلال تاسيس شركة شنقتيل في دولة موريتانيا ، والفوز برخصتها بعد منافسة كبيرة مع شركة الاتصالات الفرنسية ، وتعد أول مرة يستثمر فيها السودان بهذا الحجم من المبالغ خارج السودان وواصلت الشركة في عهده التوسع إفريقيا لتمتد إلى دول ، السنغال ، نيجيريا ، غانا .
وبعد النقلة الكبيرة التي أحدثها المهندس/ عماد الدين حسين في مجموعة شركات سوداتل للاتصالات مر على قيادة المجموعة عدداً من الرؤساء التنفيذيين ليتولى في العام 2020م قيادتها المهندس/ مجدي محمد عبد الله طه ، كرئيس تنفيذي ، حيث لديه خبرة لأكثر من 20 عاماً في مجال تقنية المعلومات فقد عمل في شركات عالمية أبرزهما شركتي سيسكو وإنتل من الولايات المتحدة الأمريكية ، كما عمل مديراً عاماً لشركة زين بدولة جنوب السودان .
السرعة في إعادة تشغيل خدمات الاتصالات في السودان عبر سوداتل ، ليس مستغرباً ، فالشركة تمتلك بنية تحتية كبيرة للاتصالات في السودان وتمتلك القدرات الفنية والمالية اللأزمة لتكون الرائدة في الاتصالات داخل السودان والسرعة التي تم بها العمل في تهيئة (مركز تحكم شبكة رئيسي) للاتصالات في مدينة بورتسودن ودخول شبكة سوداتل عبر الهاتف الثابت وعبر شركة سوداني للهاتف السيار ، للخدمة مجدداً يؤكد أن الشركة تم بنائها منذ البداية بخطة استراتيجية طموحة تلبي احتياجات الدولة وشعبها في ذاك الوقت وتلبي احتياجات المستقبل .
وظهر ذلك جلياً في هذه الأزمة حيث أنها سبقت شركة زين وشركة أم تي إن ، وتثبت بذلك أن قدرات وإمكانيات سوداتل تتجاوز مجرد مشغل لشبكة الهاتف الجوال ، وإن كل المشروعات الاستراتيجية التي تم بنائها قد ظهرت نتائجها في هذه الأزمة .
وفي الأخير لا يسعنا إلا أن نشكر جهود المؤسس المهندس/ عبد العزيز عثمان عبد العزيز ومن بعده المطور المهندس/ عماد الدين حسين ومستشرف المستقبل المهندس/ مجدي محمد عبد الله طه ، فسوداتل شركة عملاقة في مجال الاتصالات في السودان وإفريقيا ، وحق لها ذلك.
محمد السر مساعد
تعليقات
إرسال تعليق